فصل: مخارج الحروف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل إلى علوم القرآن الكريم



.أول من ألف في القراءات:

نقل ابن الجزري عن أبي حاتم السجستاني قوله:
كان أول من سمع بالبصرة وجوه القراءات وألفها وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده هارون بن موسى الأعور، وكان من القراء.
وأول من جمع القراءات في كتاب: (أبو عبيد القاسم بن سلام) المتوفى سنة 224 هـ...
وذكر ابن الجزري في كتابه النشر الكتب المؤلفة في القراءات، وذكر ستين مرجعا في هذا العالم... ومن أهمها:
1- السبعة لأبي بكر بن مجاهد التميمي حققه الدكتور شوقي ضيف ونشرته دار المعارف.
2- التيسير لأبي عمرو الداني، طبع في استانبول..
3- جامع البيان في القراءات السبع لأبي عمرو الداني.
4- الكافي لأبي عبد الله محمد بن شريح الإشبيلي.
5- التبصرة لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي.
6- حرز الأماني في القراءات السبع للقاسم الرعيني الشاطبي...
7- المبهج في القراءات لسبط الخياط البغدادي.
8- الإقناع في القراءات السبع لابن خلف الأنصاري.
9- جمال القراء وكمال الإقراء لأبي الحسن السخاوي.
10- الكنز في القراءات العشر للواسطي.
وهناك كتب كثيرة ذكرها ابن الجزري، وجاءت في كتاب (معجم القراءات القرآنية مع مقدمة في القراءات، وأشهر القراء) الذين نشرته جامعة الكويت، كما ذكر هذا المعجم عددا من المؤلفات في القراءات الشاذة..

.تفسير بعض المصطلحات:

استعمل القراء مصطلحات فنية دقيقة المعنى، لا يمكن فهم دلالتها أو معرفة ما يراد بها إلا بتوضيح وتفسير، وكثيرا ما يستعمل القراء هذه المصطلحات، لتوضيح كيفية النطق والأداء اللفظي من حيث الإدغام والوقف والإشمام والروم والسكت والقطع والقصر والمد والحدر والتدوير والترتيل والتجويد والترقيق والتفخيم والإمالة..
ويمكن توضيح دلالة هذه المصطلحات بما يلي:
- الإدغام: النطق بحرفين في حرف واحد، لتقارب الحرفين أو تماثلهما فإن كان الحرف الأول متحركا سمي الإدغام الكبير، وإن كان ساكنا سمي الإدغام الصغير..
- الوقف: وهو عبارة عن قطع الصوت على الكلمة زمنا تتنفس فيه، ثم يستأنف بعد ذلك، ويختلف بين الوقف التام والوقف الكافي والوقف القبيح، ولكل وقف حكمه من حيث أثره على المعنى، فإن أساء إلى المعنى فهو قبيح ولا يحسن الوقف عليه...
- الإشمام: وهو عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير تصويت.
- الروم: وهو عبارة عن الإتيان بأقل الحركة أو النطق ببعض الحركة، أو النطق بالحركة بصوت خفي، والكوفيون لا يفرقون بين الإشمام والروم..
- السكت: هو عبارة عن قطع الصوت زمنا يقل عن زمن الوقف من غير تنفس.
- القطع: هو عبارة عن قطع القراءة رأسا، للوقوف عن القراءة أو لأداء ركعة السجود.
- القصر: هو عبارة عن ترك الزيادة في حروف المد.
- المد: هو عبارة عن طول زمان الصوت، لتحقيق أهداف معينة، للتعظيم، أو للحجز بين الساكنين والمتحرك، أو للفصل بين الكلمتين، أو للتفريق بين الاستفهام وغيره.
- الحدر: هو عبارة عن إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها.
- التدوير: هو عبارة عن التوسط بين المقامين.
- الترتيل: هو عبارة عن اتباع الكلام بعضه بعضا من غير عجلة.
- التجويد: هو عبارة عن الإتيان بالقراءة مجوّدة الألفاظ بالغة حدّ النهاية في إجادة النطق.
- الترقيق: هو عبارة عن إنحاف الحرف.
- التفخيم: هو عبارة عن تسمين الحرف.

.معنى الإمالة:

المراد بالإمالة ميل الحركة إلى حركة أخرى، وميل الحرف إلى حرف آخر، والإمالة لغة بعض القبائل العربية، وهي لغة تميم وأسد وقيس، والأصل فيها كما يقول السيوطي حديث حذيفة مرفوعا: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها..».
والإمالة أن تمال الفتحة لكي تكون قريبة من الكسرة وأن يمال الألف نحو الياء، وذلك لأسباب تتعلق باللفظ نفسه من حيث تجاوز الألفاظ أو من حيث الإشعار بأصل الكلمة، والغاية من الإمالة تيسير النطق، فالفتح يحتاج إلى فتح الفم والإمالة تخفف من صعوبة النطق بالفتح في بعض الحالات، فالألف المنقلبة عن ياء تمال في بعض القراءات كالهدى والفتى والعمى ويخشى ويرضى ومأوى وأدنى وأذكى، وأمال بعض القراء كل ألف بعد راء متطرفة مجرورة نحو الدار والنار والقهار، وهكذا في كثير من الألفاظ..
والأصل في الفتحة أن يفتح القارئ فمه بلفظ الحرف، وإذا كان هناك ألف بعده فالفتح أظهر وأوضح، وينقسم الفتح إلى قسمين فتح شديد وفتح جيد، فالشديد هو نهاية فتح الشخص فمه بذلك الحرف، ولا يوجد هذا النوع في لغة العرب ويقال له التفخيم، وهو شائع في لغة عجم الفرس، وأهل خراسان، أما الفتح المتوسط فهو فتح الفم قليلا بحيث يكون بين الفتح الشديد والإمالة.
والإمالة كما جاء في كلام الحافظ ابن الجزري أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة وبالألف نحو الياء (كثيرا) ويقال له الإضجاع والبطح، (وقليلا) وهو التقليل والتلطيف، والإمالة إما أن تكون شديدة أو متوسطة، فالإمالة الشديدة هو الإشباع المبالغ فيه والإمالة المتوسطة هي درجة بين الفتح المتوسط والإمالة..
قال الداني:
والإمالة والفتح لغتان مشهورتان فاشيتان على ألسنة الفصحاء من العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فالفتح لغة أهل الحجاز والإمالة لغة عامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس، واختار العلماء الإمالة الوسطى التي هي بين بين، لأن الغرض من الإمالة حاصل بها وهو الإعلام بأن أصل الألف الياء...
قال ابن الجزري في بيان الفائدة من الإمالة:
وأما فائدة الإمالة فهي سهولة اللفظ وذلك أن اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالإمالة، والانحدار أخف على اللسان من الارتفاع، فلهذا أمال من أمال، وأما من فتح فإنه راعى كون الفتح أمتن أو الأصل.

.مخارج الحروف:

اهتم علماء القراءات بمخارج الحروف، وبسطوا ذلك في كتبهم، وأوضحوا أهمية مراعاة ذلك في تجويد القرآن وتحسين قراءته، ولكل حرف مخرج، ولكي تكون القراءة متقنة فيجب معرفة مخارج الحروف، وكانت الكتاتيب القرآنية تعنى بذلك، وتعلم الصبيان منذ الطفولة الأولى كيفية النطق بالحروف العربية، وإتقان القراءة القرآنية هو إتقان للأداء العربي، وتعليم لكيفية النطق به، وتدريب اللسان العربي على النطق بلغة العرب، وهذا المنهج اللغوي السليم أسهم في تقوية اللغة العربية، واستقامة اللسان العربي، وعند ما أغفلت المناهج المدرسية ذلك تداخلت الحروف وتعثرت القراءة.
وحدد النحاة والقراء مخارج الحروف بستة عشر مخرجا وأبرزها:
المخرج الأول: الجوف، والحروف الجوفية هي الألف والواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة المكسور ما قبلها...
المخرج الثاني: أقصى الحلق، وهو للهمزة والهاء.
المخرج الثالث: وسط الحلق وهو للعين والحاء المهملتين.
المخرج الرابع: أدنى الحلق أي الفم، وهو للغين والخاء.
المخرج الخامس: أقصى اللسان مما يلي الحلق وهو للقاف.
المخرج السادس: أقصى اللسان من أسفل وهو للكاف.
المخرج السابع: وسط اللسان وهو للجيم والشين والياء.
المخرج الثامن: أول حافة اللسان وهو الضاد.
المخرج التاسع: في حافة اللسان من أدناها وهو حرف اللام.
وهكذا تتعدد المخارج، محددة كيفية نطق كل حرف مبينة وجه الدقة بين حرفين متقاربين يخرجان من مكان واحد، وبينهما فرق يسير، وهذا يؤكد لنا عظمة الجهد الذي بذله علماء القراءات في خدمة القرآن وتجويد قراءته، وتحسين تلاوته وإتقان لفظه ونطقه..
وهناك مخارج أخرى لم نذكرها، اخترنا بعضها للتقريب والتمثيل، كما أن العلماء قسموا الحروف من حيث أوصافها، فهناك حروف مجهورة وحروف مهموسة وحروف رخوة وحروف شديدة وحروف مستفلة وحروف مستعلية، وحروف صفير وحروف القلقلة.
وعلم التجويد هو العلم الذي يمكّن القارئ من إعطاء الحروف حقها وإنزالها منزلتها من النطق، وإخراجها من مخرجها الصحيح، وتلطيف النطق بالحرف، لكي يأتي النطق مريحا صحيحا من غير تكلف ولا مشقة..
قال ابن الجزري في ذلك:
أول ما يجب على مريد إتقان القرآن تصحيح إخراج كل حرف من مخرجه المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه، وتوفية كل حرف صفته المعروفة به توفية تخرجه عن مجانسه، يعمل لسانه وفمه بالرياضة في ذلك أعمالا يصير له ذلك طبعا وسليقة، فكل حرف شارك عنه في صفاته فإنه لا يمتاز عنه إلا بالمخرج.. وإذا أحكم القارئ النطق بكل حرف على حدته موفّ حقه فليعمل نفسه بإحكامه حالة التركيب لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد، وذلك ظاهر، فكم ممن يحسن الحروف مفردة ولا يحسنها مركبة بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب وقوي وضعيف ومفخم ومرقق فيجذب القوي الضعيف ويغلب المفخم المرقق فيصعب على اللسان النطق بذلك على حقه إلا بالرياضة الشديدة حالة التركيب، فمن أحكم صحة اللفظ حالة التركيب حصل حقيقة التجويد بالإتقان والتركيب.

.الفصل الرابع عشر: الوقف والابتداء:

الوقف علم ضروري لمعرفة معاني القرآن، وهو معيار دقيق لحسن الفهم ودقة الملاحظة وتكامل المعاني، ولا يحسن هذا العلم إلا من حسن علمه، واتسعت دائرة ثقافته القرآنية، وملك ناصية الفهم الموفق، فمن أساء الوقف اضطربت المعاني لديه، وتعارضت الأحكام في نظره، وربما وقع في أخطاء جسيمة، وأهم ما يجب أن يتعلمه قارئ القرآن مواطن الوقف الصحيح، لكي يستقيم المعنى وتتضح الدلالة ويصح الحكم...
ونظرا لأهمية الوقف في الدراسات القرآنية فقد انصرف بعض العلماء للتأليف في علمه وبيان مواطنه، واعتبر الوقف من علم التجويد، وهو من أهم ما اهتم به قراء القراءات، نظرا لأن التنفس أمر ضروري خلال القراءة، ولا يمكن الاستغناء عنه، ولذلك حدد علماء القراءات المواطن التي يحسن الوقف عليها، والمواطن التي لا يجوز الوقف عليها، لما يؤدي إليه ذلك من خلل في المعنى.
وممن ألّف في الوقف: الزجاج وأبو جعفر النحاس وابن الأنباري وابن عباد والداني والعماني وغيرهم، وكتب (ابن الجزري) في كتابه (النشر في القراءات العشر) عن الوقف والابتداء في الجزء الأول وعن الوقف على مرسوم الخط في الجزء الثاني، وقال في موطن تعليل أسباب الوقف:
لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجر التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء التنفس والاستراحة، وتحتم ألا يكون ذلك مما يخل بالمعنى ولا يخل بالفهم، إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد، ولذلك حضّ الأئمة على تعلمه ومعرفته.
ونقل ابن الجزري عن علي بن أبي طالب قوله: الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف، وروي عن ابن عمر قوله: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على النبي صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها، وقال: فعن كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة.. وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح.
واشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز ألا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء، وكان الأئمة يوقفون القراء المتعلمين عند كل حرف ويشيرون إليهم بالأصابع...